الحركات الإستقلالية بالمشرق العربي

الحركات الإستقلالية بالمشرق العربي

مقدمة :

خضع المشرق العربي للأمبرواطورية العثمانية منذ بداية العصور الحديثة وإلى حدود الحرب العالمية الثانية حيث خضع للإنتداب الفرنسي والبريطاني مما أدى إلى ظهور موجة من الكفاح الوطني ضد النظام الاستعماري والذي أدى إلى الإستقلال وبروز الدول العربية الحديثة. فما هي ظروف نشأة الحركة الوطنية في المشرق العربي؟وما هي أهم التطورات التي أسفرت عن الإستقلال بالمنطقة؟

- الإطار التاريخي لنشأة الحركة الإستقلالية بالمشرق العربي:I

1)-تعرض المشرق العربي للتقسيم السياسي والاستغلال الاقتصادي :

تم تقسيم المشرق العربي بين بريطانيا وفرنسا بمقتضى معاهدة سان ريمو واستهدف الوجود الإستعماري في الهلال الخصيب ووادي النيل ودول الخليج العربي.استغلال ثرواتها الإقتصادية وربط اقتصادها بالسوق العالمية وإدماجعها في النظام الرأسمالي

وهكذا لضمان تزويد مصانعهما بالمواد الخام الزراعية وفرضتها تسجيلها لتسهيلات عملية تفويتها إلى كبار الفلاحين وأدخلتا الوسائل الحديثة ووسعة الأراضي المسقية والزراعات التسويقية وخاصة القطن (في مصر والسودان) والحرير والتبغ مما أدى إلى تدهور الصناعات التقليدية نتيجة منافسة المصنوعات الأجنبية مما أدى إلى إفلاس الحرفيين وانتشار البطالة في صفوفهم وتهافت الشركات الأجنبية الإنجليزية والأمريكية على استغلال الثروات البترولية للبلدان المنتجة للنفط مقابل حصول الدول العربية على جزء ضئيل من الأرباح.

هذا بالإضافة إلى ما تعرضت له دول المشرق العربي من استغلال مالي وتجاري (فرض ضرائب ثقيلة وخلق عجز في الميزان التجاري) وقمع سياسي وعسكري لكل أشكال التمرد والمقاومة.

2)- نمو النزعة القومية والوعي الوطني عند العرب :

أدت التحولات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي عرفها المشرق العربي في ظل الإستعمارين الفرنسي والإنجليزي إلى ظهور وعي وطني لدى السكان مما أدى إلى تدمر الفلاحين والحرفيين والعمال والتجار وحتى الفئات الوسطى والمثقفة من الإستغلال الإقتصادي والثقل الضريبي ومن البطالة والتهميش.

3)- مضاعفات الازمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929 :

انتقلت الأزمة الإقتصادية لسنة 1929 إلى دول المشرق العربي بفعل تراجع الطلب على المواد الأولية وبفعل تزايد استغلال الدول الإستعمارية للمستعمرات مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للدول العربية بشكل كبير دفعها بالتالي إلى مقاومة الإستعمار والمطالبة بالإستقلال.

II- أهم التطورات التي أفضت إلى استقلال المشرق العربي وقيام الدولة العربية الحديثة :

1)- مقاومة بلدان الهلال الخصيب للإحتلال والإستغلال الإستعماري

في سوريا ولبنان

واجه الوطنيون السوريون نظام الإنتداب بانتفاضات متلاحقة تزعمتها أحزاب وجماعة الدستوريين وكلها عملت على تحقيق استقلال سوريا ولبنان وكانت بذلك ذات اتجاه وطني هذه الأحزاب والجماعات السورية الكبرى بزعامة السلطان الأطرش (1925-1927) والتي طالبت بوحدة البلاد السورية وسحب القوى المحتلة من البلاد وإقامة حكومة شعبية.

- ومع تصاعد نشاط الحركة الوطنية في الثلاثينيات اضطرت فرنسا سنة 1936 إلى توقيع معاهدة مع الوطنيين باستقلال سوريا شريطة احتفاظها بقاعدتين عسكريتين فرنسيتين واستشارة السلطات الفرنسية في أمور السياسة الخارجية وعقد معاهدة مماثلة مع لبنان.

- بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتحت المقاومة الوطنية اضطرت فرنسا إلى إجلاء قواتها عن سوريا ولبنان في أبريل 1946 وعن الأردن بنفس السنة.

في العراق

أثارت المعاهدة التي فرضتها انجلترا على العراق سنة 1922 معارضة الوطنيين العراقيين بسبب تأكيدها على نظام الإنتداب. مما اضطر الإنجليز إلى عقد معاهدة جديدة مع الحكومة العراقية سنة 1930 اعترفت باستقلال العراق مع الإبقاء على المصالح الإقتصادية والعسكرية والإنجليزية لمدة 25 سنة ولم تتحرر البلاد من روابطها مع الإنجليز إلا بعد قيام ثورة الضباط الوطنيين في يونيو 1958 والإعلان عن قيام الجمهورية العراقية.

2)- مقاومة وادي النيل للإحتلال والإستغلال الإستعماري

شهد وادي النيل سنة 1919 ثورة شعبية كبرى ضد نظام الحماية مما أدى إلى إصدار إنجلترا لتصريح سنة 1922 يلغي الحماية على مصر شريطة احتفاظ انجلترا على حقها في تأمين مواصلاتها عبر قناة السويس السودان تحت حمايتها.

ووقعت حكومة الملك فؤاد على تلك الشروط بينما واجهها الوطنيون المصريون بتصعيد النظام السياسي وقاومها السودانيون بالكفاح المسلح.مما اضطر انجلترا إلى توقيع معاهدة مع الحكومة المصرية سنة 1936 تقر فيها باستقلال مصر شريطة السماح لها بالتعاون مع القوات المصرية لضمان الكفاح عن قناة السويس.

وظلت مسألة جلاء القوات الإنجليزية ومسألة السودان موضع خلاف بين الحكومات المصرية المتعاقبة والسلطات الإنجليزية إلى أن أعلنت ثورة الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر عن قيام الجمهورية المصرية في يوليوز 1952 مما اضطرت القوات الإنجليزية ألى الجلاء عن مصر سنة 1954.

3)- الأوضاع بشبه الجزيرة العربية

تميزت الأوضاع السياسية بشبه الجزيرة العربية مع بداية ق.20 بوقوع معظم سواحلهما الجنوبية والشرقية تحت الحماية الإنجليزية في حين تقاسمت السلطة في المناطق الداخلية والغربية مجموعة من الإمارات المستقلة.

*قام عبد العزيز بن سعود ببعث روح الدعوة الوهابية لبعض القبائل الموالية وشكل من إخوان التوحيد جيشا قويا وحد به المناطق الداخلية والغربية لشبه الجزيرة العربية وفي سنة 1933 أعلن الملك عبد العزيز عن قيام (المملكة العربية المتحدة) سنة 1971.

* في شرق وجنوب شبه الجزيرة العربية تصاعد المد التحرري ضد الإحتلال الإنجليزي في أواخر الخمسينيات من ق.20 وهدد المصالح الإنجليزية.مما اضطر انجلترا إلى الاعتراف باستقلال كل من اليمن سنة 1967 والكويت سنة 1961 وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة سنة 1971.

وبعد حصول الدول العربية على استقلالها دخلت في صراع جديد مع الشركات الأجنبية الخاصة المستغلة للبترول العربي من أجل استرجاع حقوقها الوطنية في ممارسة السيادة على ثرواتها.وهكذا شرعت العراق في تأميم ثرواتها البترولية ابتداءا من 1972وحذت حذوها الكويت سنة 1973 والمملكة العربية السعودية سنة 1980 وتمكنت الدول العربية لأول مرة سنة 1973 من سلاح حضر تصدير البترول للدول التي ساندت إسرائيل في حرب أكتوبر سنة 1973.

خضعت تونس والجزائر للاستعمار الفرنسي (الجزائر سنة 1830 , وتونس سنة 1881 بينما تم احتلال ليبيا من طرف ايطاليا سنة 1911 . وقد واجه الاستعمار مقامة تباينت درجة قوتها بتباين الظرفية الدولية وامكانات كل بلد وتطور المسار التاريخي للكفاح الوطني من المطالبة بالاصلاحات الى المطالبة بالاستقلال .


-->