نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة

نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة

1 – السياق التاريخي (الظروف التاريخية ) لبروزنظام القطبية الثنائية:

اسفرت الحرب العالمية 2 عن تراجع نفوذ فرنسا وانجلترا لصالح الو.م.أ متزعمة العالم الرأسمالي اللبرالي . والاتحاد السوفياتي متزعم المد السيوعي .واذا كان قد تحالفا ابان الحرب العالمية 2 للقضاع على النازية فإن هذا التحالف تحول الى مواجهة بين المد الشيوعي من جهة ورد الفعل الامريكي من جهة اخرى .

1) المدالشيوعي السوفياتي:

تجلت الانعكاسات السياسية للصراع بين المعسكرين في مساندة الاتحاد السوفياتي للاحزاب الشيوعية في دول اوربا الشرقية التي ساهم في تحريرها من الاحتلال النازيللوصول الى السلطة ولاقامة انظمة اشتراكية فيها على غرار النظام السوفياتي . وامام تصاعد هذا المد الشيوعي في اوربا جاءت ردود فعل الو.م.أ.التي رأت في هذا المدوسيلة للسيطرةعلى الشعوب واقرا نظام اشتراكي بها .

2) ردالفعل الامريكي :

عمل الامريكيون على محاصرة المد الشيوعي السوفياتي من خلال مشروع مارشال (1947) الخاص بتقديم مساعدات الى الدول الاوربية المتضررة لاعادة بناء اقتصادها وحمايتها من الخطر الشيوعي واذاكانت دول اوربا الغربية قد قبلت هذه المساعدات فإن دول اوربا الشرقية قد رفضتها . واعتبر الاتحاد السوفياتي مشروع مارشال محاولة لوضع اوربا تحت السيطرة الاقتصادية والسياسية فصارع الى انشاء مكتب الاعلام الشيوعي المسمى بالكوميفورم لتعبئة الاحزاب الشيوعية ضد المشروع.

2 ـــ العلاقات الدولية في ظل الحرب الباردة 1 (1947 – 1953) :

1) اتخذت الحرب الباردة بين المعسكرين مظاهر مختلفة:

الحرب الباردة هي طلك الصراع الطي تتفادى فيه الأطراف المعنية استعمال الأسلحة لمواجهة بعضها البعض. ومن أهم مظاهرها :

* الخلافات السياسية : خلافات ناتجة عن الخلاف الإيديولوجي بين المعسكرين ورغبة كل منهما في بسط نفوذه في مناطق مختلفة من العالم والتي ظهرت في رغبة الاتحاد السوفياتي بسط نفوذه في دول البلقان وتقديم الو.م.أ.مساعدات خيالية للدول الأوربية لإعادة بناء اقتصادها وذلك في إطار مشروع مارشال لكسبها إلى جانبها وحمايتها من المد الشيوعي .

* القطيعة الاقتصادية : تطورت الخلافات السياسية إلى قطيعة اقتصادية بين المعسكرين حيث أنشأت الكتلة الغربية السوق الأوربية المشتركة فيحين أنشأت الكتلة الشرقية الكوميكون.

* تكوين احلاف عسكرية : اتجهت الكتلة الرأسمالية إلى تكوين أحلاف عسكرية موجهة ضد الاتحاد السوفياتي وحلفائه أبرزها < حلف شمال الأطلسي> 1949 مما ادى الى إنشاء الاتحاد الوفياتي مع دول الكتلة الاشتراكية < حلف وارسو> 1955.

* التسابق نحو التسلح : اتجه المعسكرين الى التسابق نحو التسلح حيث تمكن الطرفان من تطوير الصواريخ العابرة للقارات ومن صنع القنابل النووية و الهيدروجينية فنشأ عن ذالك ما يسمى بنظام توازن الرعب القائم على تفادي الطرفان الدخول في مواجهة مباشرة خوفا من ان يؤدي استعمال اسلحة الدمار الشامل الى إفنائها .

2) تخللت الحرب الباردة الأولى بعض الأزمات :

ظهر تأثير توازن الرعب بصفة جلية على العلاقات بين العظميين في أزمة برلين 1 وفي الحرب الكورية :

* ازمة برلين الأولى 1949 : تم تقسيم ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إلى 4 مناطق نفوذ. وعلى اثر اتفاق الو.م.أ. وانجلترا وفرنسا على توحيد المناطق الألمانية الوقعة تحت مراقبتها بما في ذلك برلين الغربية .قرر الاتحاد السوفياتي إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى برلين الغربية وفرض بذلك حصارا عليها . وكادت هذه الأزمة أن تتحول إلى مواجهة بين العظميين لولا قرار الاتحاد السوفياتي في ماي 1949 رفع الحصار على برلين الغربية ،وأعقب ذلك تقسيم ألمانيا بما في ذلك برلين وجمهورية ألمانيا الاتحادية ( ألمانيا الغربية )التابعة للحلفاء الرأسماليين ،وجمهورية المانيا الديموقراطية ( المانيا الشرقية ) التابعة للإتحاد السوفياتي .

* الحرب الكورية 1950 -1953 : تم تقسيم كورا على اثر الاحتلال المزدوج الأمريكي السوفياتي لأراضيها الى شطرين سنة 1945 كوريا الشمالية يدعمها الاتحاد السوفياتي وكوريا الجنوبية تدعمها الو .م .أ. وفي يونيو 1950 اكتسحت قوات الشمال اراضي الجنوب مما ادى الى وقوع حرب غير مباشرة بين العظميين على الأراضي الكورية انتهت بدخول الطرفين في مفاوضات سنة 1953وتوقيع الهدنة مما شكل بادرة نحو الانفاج الوضعي الدولي وبداية مرحلة جديدة تسمى التعايش السلمي .

3 ــ العلاقات الدولية من التعايش السلمي إلى الحرب الباردة الثانية :

1) دخلت العلاقات الدولية مرحلة التعايش السلمي من> بداية الستينيات و الى غاية 1979 :

- بعد وفاة ستالين برز التعايش السلمي باعتباره رؤيا جديدة للعلاقات الدولية تنبني على تفادي أسباب التوتر بين الدول خوفا من نتائج الحرب الساخنة بين المعسكرين ومن العوامل التي أدت إلى نهج سياسة التعايش السلمي .

* الخوف المتبادل من الحرب مع التطور النوعي في تكنولوجيا الأسلحة .

* بروز قيادات سياسية مالية للحوار والانفراج في العلاقات الدولية سوء من الجانب السوفياتي او من الجانب الامريكي .

* دور الأمم المتحدة في تكريس قيم السلام والتعاون الدولي ونبذ الحروب وتشجيع الحلول الدبلوماسية للنزاعات في العالم .

- اقتناع العظميين بأن التسابق نحو التسلح ليس في صالح الطرفين وانه من المفيد الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التطور والتقدم عوض الدخول في الحرب.

- اتخذ التعايش السلمي عدة مظاهر منها :

* اللقاءات المكثفة بين العظميين لمعالجة بعض القضايا والخلافات الدولية مثل وضعية ألمانيا والنمسا والأمن الأوربي والعلاقات بين الشرق والغرب وقضايا نزع السلاح ...

* دعوة القيادة السوفياتية الى التعايش السلمي في عهد خروتشوف .

* ظهور موقف مماثل من طرف الو.م.أ. التي دعت إلى وقف الحملة المارتكية ضد الموظفين المتعاملين مع الأحزاب الشيوعية.

- إن هذا التقارب بين العظميين لم يمنع قيام أزمات حادة أظهرت حدود التعايش السلمي بينهما وتجلى ذلك بالخصوص في أزمة برلين2، أزمة كوبا والحرب الفيتنامية:

* ازمة برلين2 : ظهرت سنة 1961 عندما رفضت الدول الغربية اقتراح الاتحاد السوفياتي بتحويل برلين الى مدينة محايدة،حيث ادى هذا الرفض الى بناء حائط برلين من طرف الاتحاد السوفياتي لمنع أي اتصال بين شطري المدينة.

* أزمة كوبا: اندلعت سنة 1962 عندما اكتشفت الو.م.أ. وجود قواعد سوفياتية لاطلاق الصواريخ في كوبا فهددت الاتحاد السوفياتي بحرب شاملة اذا لم يتقدم بفك تلك القواعد. وبعد مفاوضات قرر الاتحاد السوفياتي سحب صواريخه مما ادى انتهاء الازمة.

* حرب الفيتنام : (1954-1975) شكلت حرب الفيتنام التي تواجهت فيها الفيتنام الشمالية الموالية للاتحاد السوفياتي والفتنام الجنوبية الموالية للو.م.أ. احدى اكثر الحروب الموجهة من طرف العضميين شراسة والتي انتهت بتوحيد قوات الشمال لشطري الفيتنام .

ولم يكد العالم يتنفس الصعداء من حرب الفيتنام حتى عادت بؤر التوثر والمواجهة الغير مباشرة بين العظميين لتعم عدة مناطق من العالم الثالث ايذانا بنهاهية التعايش السلمي وبداية الحرب الباردة الثانية .

2) الحرب الباردة الثانية (1975-1989) :

أ- عاد الصراع من جديد على المناطق الاستراتيجية بين الاتحاد السوفياتي و الو.م.أ :

- يعتبر اعلان المؤتمر 25 للحزب الشيوعي السوفياتي في فبراير 1976 التزامه بدعم النظالات الثورية لشعوب العالم الثالث ضد الهيمنة الامريكية والغربية بداية للحرب الباردة الثانية وقد شهد العالم الثالت في هذه الفترة موجة من الثورات والانقلابات ذات التوجه الاشتراكي وواكب هذا التعزيز لمواقع الاتحاد السوفياتي في العالم الثالث تنامي قدراته العسكرية بانتاج صواريخ متطورة ونشر اسلحة الليزر في الفضاء الكوني .

- تميزت فترة ادارة الرئيسين الامريكيين ريكان (1980-1988) وجورج بوش 1(1988-1991) بدعم الحركات المناهضة للأنظمة الاشتراكية في العالم الثالث مما ادى الى قيام عدة حروب اهلية طاحنة وعززت الو.م.أ ترسانتها من الاسلحة الاستراتيجية بصواريخ حديثة كما شرعت ابتداءا من 1989 في تنفيذ برنامج الدفاع الاستراتيجي المعروف ببرنامج حرب النجوم.

ب – بعض الصراعات الاقليمية في دول العالم الثالث :

- 1975: انغولا : مساندت الاتحاد السوفياتي للحركة الشعبية لتحرير انغولا ومناهضة حركة " اونيتا " للنضام الاشتراكي .

- 1975: الموزنبيق : مساندت الاتحاد السوفياتي لجبهة تحرير الموزنبيق ومناهضة حركة رينامو للنظام في الموزنبيق .

- 1977 : اثيوبيا والصومال: مساندة الاتحاد السوفياتي للنظام الاتيوبي ضد الصومال المدعوم ضد الو.م.أ.

- 1977: افغانستان : التدخل السوفياتي المباشر ومناهضة حركة المجاهدين للنظام الاشتراكي .

ج – مجالات الصراع :

* المجال العسكري :

- استمرار السباق نحو التسلح.- توقف المفاوضات حول التخفيض من الاسلحة.- اطلاق الو.م.أ لبرنامج الدرع الاستراتيجي المعروف بحرب النجوم.

* المجال السياسي :

- مواصلت العمل على كسب مجالات جديدة للنفوذ .- استعمال الطرفان لحق الفيتو داخل مجلس الامن خدمة لمصالحها السياسية .

* المجال الرياضي :

- سعى الطرفان الى تسجيل انتصارات بتحقيق انجازات رياضية (احراز ميداليات والفوز ببطولات). – مقاقطة الو.م.أ للالعاب الاولمبية بموسكو 1980 ورد الاتحاد السوفياتي بمقاطعة الالعاب الاولمبية بلوس أنجلس 1984