منهجية احياء النموذج


0إحياء النموذج
كان الشرق قبل النهضة مغلقا على نفسه اغلاقا يكاد يكون كاملا فكان لابد له من نور ينير مسالكه حيت كان الشعر العربي آنداك متخبطا في دوائر التقليد وينزف في هواية التلاعب بالألفاظ والأشكال الفنية الأخرى اتي عرفها عصر الانحطاط السفسطاني حيت كان الأدب العربي في شعره ونتره راكدا يخلوا من الحياة ويتلاهى في أزاجيل شعبية وأحاجي نحوية وألاعيب لفظية وعددية تتراءى فيها حال الأمة التي سائت حالها الاقتصادية والسياسية فحل عصر الإنبعات من أجل الحفاظ على الهوية العربية ومجدها ومن المكانة التي انطلق منها لياتي عصر النهضة لتحقق مجموعة خيرة من الشعراء لرد الاعتبار للغة العربية وهو ما دعت إليه هذه الطائفة وذلك بتشكيل خطاب شعري نهضوي وهو خطاب يتمثل في استفهام طقوس القصيدة العربية القديمة من خلال المزاوجة بين التقاليد الفنية القديمة والقضايا المعاصرة في البيئة. فانبرى من خلال هذا الخطاب شعراء امثال حافظ إبراهيم وأحمد شوقي ومحمود سامي البارودي إضافة إلى بعض الشعراء المغاربة أمثال علال الفاسي ومحمد بن ابراهيم إلى جانب الشاعر(...)الذي نحن بصدد دراسة قصيدته والذي يعتبر واحدا من أفضل ممثلي هذا التيار ومنه يمكن أن نتساءل إلى أي حد استطاع هذا الشاعر تمثيل نصه الشعري ضمن الإتجاه الإحيائي في الشعر العرب؟ ذلك ما سنحاول الإجابة عنه ونحن نستكشف منطوق قيصدة (...) من خلال تفكيك بنياتها التكوينية.
من خلال ملاحظة النص ندرك أن هذه القصيدة منظومة وفق نظام الشطرين المتناظرين وأن رويها موحد, الشيء الذي يدعونا إلى افتراض الاقتداء بالقدامى وبالتالي اندراج النص ضمن حركة إحياء النمودج.
انطلاقا من هذه الملاحظة البصرية للنص تبدو هناك ثلاث إشارات دالة على غرض القصيدة يمكن حصرها كما يأتي:
عنوان القصيدة(...) الذي جاء عبارة عن(...) أما بارتكازنا على جملة التقديم(...) وعلى المختم كمأشر نصي فيحيلنا على( شرح النص) وانطلاقا من هذه المؤشرات تفصح لنا القصيدة عن هويتها الكلاسيكية وبهذا اتضح لنا أن القصيدة تعالج (غرض القصيدة مثل المدح الفخر الرثاء والهجاء فضلا عن موضوعات جديدة متعلقة بالحياة المعاصرة كالموضوعات الإجتماعية عند معروف الرصافي والموضوعات السياسية في شعر محمد مهدي الجواهري والقصصية والتاريخية عند أححمد شوقي) الشيء الذي يمكن بلورته من خلال فهم أبياتها التي تدور حول المحاور التالية:( شرحها).
بعد التعرف على مضامين النص ومحتوياته يمكننا أن ندخل إلى المكونات الفنية والأسلوبية للعالم الشعري عند(إسم الشاعر) وتناوله من زوايا متعددة أولها المستوى المعجمي للنص, ولعل المعجم المهيمن على هذا النص هو معجم(...), ومعجم(...) ثم معجم(...) ويمكن حصره كما يأتي: (عبارة عن جدول مثلا)من خلال هذه الألفاظ يتضح لنا أن الشاعر جمع معجمه من محفوظ شعره القديم وهو في ذلك متأثر بطابع القصيدة العربية القديمة وهذا ما تأكده لنا المرجعية الكلاسيكية للمعجم. المستوى الثاني يتجلى في الصور الفنية حيث نجد الشاعر قد وظف (التشبيه, الاستعارة, الكناية) وعلى ضوء هذه الصور الفنية يتبين أن الشاعر يعتمد على صور فنبية تبين مخيلته فيها نظام من العلاقات التي تقوم على المقاربة في التشبيه وعموما فالبنية التخيلية لم تسعف الشاعر في البوح بمكوناته بقدر ما حملته على الانفصال عن ذاته إلى عوالم لم تعد موجودة إلا في محفوظه الشعري وفي القصيدة كذلك محسنات بديعية من (طباق مقابلة بين شطري البيت ترادف واشتقاق) كما أن الشاعر (...) كان حريصا على أن يؤتث قصيدته بأبيات من الحكمة لتكون كدليل وبرهان لما تقدمه من الأفكار وقد وردت في القصيدة على النحو التالي(...). وبانتقالنا إلى الأسلوب والتعابير فالشاعر وظف في أسلوبه مجموعة من التقنيات المتداولة لتبليغ المضامين السابقة وذلك من خلال مجموعة من الأساليب نذكرها على الشكل التالي: الأساليب الخبرية حيث تحضر الجمل ( الخبرية: السرد - الفعلية: الدالة على الحركة والانفعال - الإسمية لإبراز مظاهر الجمود) بكثافة مقارنة مع الجمل (...) إضافة إلى الأساليب الإنشائية (الأمر-النهي-الاستفهام- النداء- النفي..) أما بالنسبة للضمائر فقد زاوج الشاعر بين الضمائر( الغائبة-الحاضرة-المتكلمة والمخاطبة) وكل هذه الأساليب عكست الطبع العفوائي والتلقائي لمنطوق القصيدة عكس التصنع والتكلف والغموض في عصر الإنحطاط وبذلك منحت للنص كثافة مرتبطة بذاتية الشاعر.

و بوقوفنا على خصائص بنية النص الإيقاعية وبالنظر إلى الإيقاع الخارجي للنص يتضح لنا أن القصيدة نظمت كشكل من أشكال الاحتفاء بالقصيدة العربية القديمة حيث نجد التصريع في البيت الأول(إذا كان موجودا)حافظ على نظام السطرين المتناظرين , قافية(مطلقة أو مقيدة) رويها حرف(...) أما فيما يخص الإيقاع الداخلي للنص نلتمس التكرار( على مستوى الأصوات أي الحروف, الألفاظ, الكلمات,) ظاهرة الإشتقاق +ظاهرة المد والتضعيف, هكدا تتظافر مكونات البنية الإيقاعية لتعري الحالة التي جاءت عليها القصيدة من خلال ذاتية الشاعر وإن ظلت في شكلها العام وفية للموروث الشعري حيث الإصرار على وحدة الوزن والقافية والروي.
استنادا إلى معطيات التحليل نستخلص أن قصيدة(...) تميزت بمساهمة الشاعر(...) من خلالها ببعث خصائص وتقاليد القصيدة العربية التقليدية وتميزها بالجمالية والعناية باللغة والتعابير وصياغتها وخيالاتها إلى جانب العناية بالايقاع والموسيقى الشعرية وبذلك يكون قد استغل قدرته على مسايرة الشعر التقليدي وتوظيف خصائصه في التعبير عن ذاته وبالتالي فإنه قد ساهم في بعث الشعر العربي بعد أن كان يتخبط في دومائر الإنحطاط, وأعتقد أن ما قام به إلى جانب الشعراء القدامى أمثال البارودي وحافظ إبراهيم لبنة أساسية وضرورية ومحطة فتحت الباب أمام الرومانسيين وشعراء الشعر الحديث لتطوير الشعر والرقي به إلى أعلى مستوى